| المقدمة: كتاب الله ﷻ الفصل ليس بالهزل، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من لدن حكيم عليم؛ معجزة الإسلام الخالدة التي أرسل الله ﷻ بها نبيّهِ ورسولهِ مُحمّد ﷺ وأيَّدَ بهِا دعوتهُ، وتحدّى بها قومه، أنزله الله ﷻ بإذنه، ليخرج الناس من ظلمات الشرك والجهل إلى نور الهداية والتوحيد، ويزكيهم ويهديهم إلى ما فيه خيري الدنيا والآخرة، وليكونَ دستور أمةٍ ومنهاج حياة.
| مقطع تعريفي لقِسم الدراسات القُرآنية بجامعة جدة.
| كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ العلامة: عبدالرحمن بن ناصر السعدي.
| ما لا يسعك جهله في التفسير وأصوله، برنامج أكاديمية زاد.
معنى تدبر القرآن: التدبر: هو التفكر الشامل الواصل إلى آخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة. ومعنى تدبر القرآن: هو التفكر والتأمل في آيات القرآن من أجل فهمه وإدراك معانيه وحكمه والمراد منه.
المفتاح الأول/ حب القرآن:
القلب بيد الله وحده لا شريك له، يفتحه متى يشاء ويغلقه متى يشاء، بحكمته وعلمه سبحانه، ومن الأدلة على ذلك: قالت تعالى: )وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ([24]
علامات حب القلب للقرآن:
1-الفرح بلقائه.
2-الجلوس معه أوقات طويلة دون ملل.
3-الشوق إليه متى بعد العهد عنه وحال دون ذلك بعض الموانع، وتمني لقائه والتطلع إليه ومحاولة إزالة العقبات التي تحول دونه.
4-كثرة مشاورته والثقة بتوجيهاته والرجوع إليه فيما يشكل من أمور الحياة صغيرها وكبيرها.
5-طاعته، أمرًا ونهيًا.
وسائل تحصيل حب القرآن:
(التوكل على الله والاستعانة به، سورة الفاتحة، الاستعاذة، البسملة، دعاء حب القرآن " اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ..."، القراءة)
المفتاح الثاني/ استحضار أهداف قراءة القرآن:
أهداف قراءة القرآن مجموعة في قولك (ثمّ شعّ) " ث: ثواب، م: مناجاة، مسألة، ش: شفاء، ع: علم، عمل"
الهدف الأول: قراءة القرآن لأجل العلم.
هذا هو المقصد المهم والمقصد الأعظم من إنزال القرآن والأمر بقراءته بل ومن ترتيب الثواب على القراءة، ومن الأدلة على هذا المقصد: قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [29]
الهدف الثاني: قراءة القرآن بقصد العمل به.
سئلت عائشة رضي الله عنها عن قول الله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾[4] ما كان خلق رسول الله ؟ قالت : كان خلقه القرآن يغضب لغضبه ويرضى لرضاه.
ومن أساليب التدبر والحفظ: تقسيم السورة إلى مواضيع ليسهل حفظها وفهمها.
| مثال لسورة الفاتحة مُقَّسمة إلى مواضيع.
المفتاح الرابع/ أن تكون القراءة في صلاة:
إن هذا المفتاح من أهم مفاتح تدبر القرآن وأعظمها شأنا وقد ورد عدد من النصوص تدل عليه وتؤكد على أهميته ، من ذلك: قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾[79] إن اجتماع القرآن مع الصلاة يمكن أن يشبه اجتماع الأكسجين مع الهيدروجين حيث ينتج من تركيبهما الماء الذي به حياة الأبدان ، فكذلك اجتماع القرآن مع الصلاة ينتج عنه ماء حياة القلب وصحته وقوته.
المفتاح الخامس/ أن تكون القراءة في ليل:
إن الليل وخاصة وقت السحر من أفضل الأوقات للتذكر، فالذاكرة تكون في أعلى مستوى بسبب الهدوء والصفاء، وبسبب بركة الوقت حيث النزول الإلهي وفتح أبواب السماء. قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [79]
المفتاح السادس/ الجهر والتغني بالقراءة:
الجهر: هو رفع الصوت بالقراءة. والتغني: هو تزيين الصوت بالقراءة وفق ما ورد عن النبي ﷺ والصحابة رضي الله عنهم.
المفتاح السابع/ الترتيل:
الترتيل: الترسل والتمهل، قال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾[4]
المفتاح الثامن/ التكرار والتوقف:
أي التوقف حين القراءة أو تكرار الآية لاستحضار المعاني والتعمق في فهمها، وكلما طال التوقف وكثر التكرار كلما زادت المعاني التي تفهم من النص بشرط عدم سهو القلب.
المفتاح التاسع/ التحزيب:
القرآن أنزل ليعمل به، ووسيلة العمل العلم به، وهو يحصل بقراءته وتدبره.
المفتاح العاشر/ الربط:
المراد بالربط الحفظ أو الذكر بحيث يتم الاقتران القوي بين اللفظ وبين المعنى في المرحلة الأولى، ثم يتم الاقتران بينها وبين الواقع والتطبيق.
إن من يطبق هذه المفاتيح العشرة فبإذن الله سيرى بأم قلبه نور القرآن، ويصبح من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين مدحهم الله بقوله سبحانه: )إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ۩([58]
| مقطع عن تدبُّر القران للشيخ عبد المحسن الأحمد.
| المرجع: كتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة، د. خالد عبد الكريم اللاحم، 1428هـ.
شــروط المـفـسـر: إذا تتبعنا الشروط التي اشترط العلماء توفرها في المفسر- والتي اجتهد الإمام السيوطي-رحمه الله- وصاحب كتاب "المباني" في جمعها لنا - لا نجدها تخرج عن هذه الشروط:١-اللغة: لأن بها يعرف شرح المفردات ومدلولاتها بحسب السياق.٢- النحو: لأن المعنى يتغير ويختلف باختلاف الإعراب. فلا بد من اعتباره. ٣- التصريف: فيه تعرف الأبنية والصيغ.٤- الاشتقاق: لأن الاسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين اختلف باختلافهما.٥- علوم البلاغة: وهي علوم المعاني والبيان والبديع، لأن المفسر يعرف بالأول خواص تركيب الكلام من جهة إفادتها المعنى، وبالثاني خواصها من حيث اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها، وبالثالث وجوه تحسين الكلام. وهذه العلوم هي أعظم الشروط التي ينبغي توفرها في المفسر، ذلك أنه مطالب بمراعاة ما يقتضيه الإعجاز، وإنما يدرك بهذه العلوم.والملاحظ أن النصوص الأدبية الرفيعة لا تدرك إلا بالذوق وليس كل من اشتغل بالنحو واللغة وغيرهما يكون من أهل الذوق، وممن يصلح لانتقاد تلكم النصوص. وإنما أهل الذوق هم الذين يشتغلون بعلم البيان وراضوا أنفسهم بالرسائل والخطب والكتابة والشعر، وصارت لهم بذلك دراية وملكة تامة فهؤلاء يمكن الاعتماد عليهم في انتقاد النصوص وتمييزها.
٦- علم القراءات وبه نعرف كيفية النطق بالقرآن، وبالقراءات يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض.٧- أصول الدين: بما في القرآن الكريم من الآيات الدالة بظاهرها على ما يجوز على الله تعالى، فالأصولي يؤول ذلك، ويستدل على ما يستحيل، وما يجب وما يجوز.٨- أصول الفقه: فيه يعرف وجه الاستدلال على الأحكام والاستنباط.٩- أسباب النزول والقصص: فبسبب النزول يمكننا معرفة الظروف والملابسات التي واكبت نزول الآية، وبالقصص يمكننا الوقوف على بعض أبعاد ما أجمل في القصص القرآني.١٠- الناسخ والمنسوخ: ليعلم محكم آي الذكر الحكيم من غيره.١١- الفقه: حتى تفسر آيات الأحكام تفسيرا صحيحا لا يحيد بها عن جادة الحق والصواب.١٢- الإلمام بالأحاديث النبوية الشريفة المبينة والمفسرة لما أجمل وأبهم من آي الذكر الحكيم.١٣- علم الموهبة: وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم. وإليه يشير الحديث النبوي (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم ).
أما بالنسبة للمفسر المعاصر فيتعين إضافة ثلاثة شروط أخرى، وهي:١- الإلمام التام بعلوم العصر وذلك حتى يمكن أن يعطي للقرآن بعده الحضاري الصحيح فيتحقق مفهوم شمولية وعالمية الدين الإسلامي. ٢- المعرفة بالفكر الفلسفي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، السائد والمهيمن على الساحة، وذلك حتى يستطيع دحض كل الشبهات المحاكة حول الدين الإسلامي، وإبراز حقيقة القرآن الكريم وموقفه من كل قضايا العصر، وذلك مساهمة منه في نشر الوعي بحقيقة الإسلام وريادته الفكرية والحضارية.٣- الوعي بمشكلات العصر وأزماته. والمعرفة بها ضرورية لإبراز موقف الإسلام منها وسبل تفاديها وكيفية معالجتها، ولصاحب " كتاب المباني " إشارة لطيفة لهذه النقطة، حيث يقول: " والثالثة أن يكون عالما بأبواب السر من الإخلاص والتوكل والتفويض والأذكار الباطنة التي افترضها الله تعالى، وبالإلهام والوسوسة وما يصلح الأعمال وما يفسدها، وبآفات الدنيا ومعايب النفس، وسبل التوقي من فسادهما ليتأتى له تفسير الآيات المنتظمة لهذه المعاني.
والمتتبع للشروط المعرفية التي اشترطها علماؤنا ـ من أهل السنة ـ يتضح له أن هذه الشروط وإن كانت كلها معرفية فإنها تنقسم إلى قسمين:١- شروط معرفية بحتة.٢- شروط منهجية.وهذه الأخيرة اشترطوا فيها:أ- تفسير القرآن بالقرآن.ب- تفسير القرآن بالسنة.ح - الأخذ بقول الصحابي.د- الأخذ بأقوال كبار التابعين كمجاهد وابن جبر وسعيد ابن جبير، وعكرمة وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري ومسروق بن الأجدع وسعيد بن المسيب، وغيرهم ممن تلقى جميع التفسير عن الصحابة رضوان الله عليهم.
آداب المـفـســر : وهي ما سميناه بالبعد الذاتي، وللسيوطي قول جامع فيه : " اعلم أنه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي، ولا يظهر له أسراره وفي قلبه بدعة أو كبر أو هوى أو حب الدنيا أو هو على ذنب أو غير متحقق بالإيمان أو ضعيف التحقيق أو يعتمد على قول مفسر ليس عنده علم أو راجع إلى معقوله، وهذه كلها حجب وموانع بعضها آكد من بعض. قلت: وفي هذا المعنى قوله تعالى: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق}.
قال سفيان بن عيينة " يقول أنزع عنهم فهم القرآن" أخرجه ابن أبي حاتم " من هذا القول الجامع للإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ نستخلص جملة آداب يتعين على المفسر التحلي بها وهي :١- صحة الاعتقاد .٢- التجرد عن الهوى.٣- حسن النية .٤- حسن الخلق .٥- التواضع ولين الجانب .٦- الزهد في متاع الدنيا، حتى يكون عمله خالصا لله تعالى .٧- إعلان التوبة والامتثال لأمور الشرع، والانتهاء عن نواهيه .٨- عدم الاعتماد في التفسير على أهل البدع والضلالة.٩- يتعين عليه أن لا يستكين إلى معقوله، وأن يجعل من كتاب الله أميرا يقتدى به . وفي هذا يقول الشهيد حسن البنا ـ رحمه الله ـ "ومع هذا التعظيم لقدر التفسير والمفسرين الذين يعلمون فيما أنزلت الآيات وما أريد بها، فإن السلف رضوان الله عليهم، كانوا يتحرون دائما في التفسير ألا تتحكم فيما يفهمونه من الآيات أغراض خاصة، أو أهواء شخصية، أو ظروف طارئة، ولكنهم كانوا يجردوه من كل ذلك حتى يكون القرآن أميرا على تصرفاتهم، ويكون هواهم تبعا لما جاء به رسولهم صلى الله عليه و سلم وهو صريح الإيمان . ومن هنا كان الكثير منهم يتحرج من التفسير ويخاف أن يقول في القرآن برأيه" ومن أقوال العلماء يتضح لنا أن التأويل المذموم هو الذي لا يبنى على علم محصل سلفا، يكون أداة المفسر وآلته في تبيان وتفسير القرآن الكريم.
أولًا/ تفسير القرآن بالقرآن: أجلّ طرق تفسير القرآن الكريم وأصحّها.
أنواع تفسير القرآن بالقرآن:
1) بسط الموجز: أي يرد الأمر أو القصة في كتاب الله موجزًا في موضع ثم يفصل في موضع آخر وهذا كثير من عادة القرآن.
2) بيان المجمل: مثل قوله تعالى في سورة المائدة )أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يتلى عليكم(، ما هو الذي يتلى علينا؟ بيّن الله تعالى الجواب في سورة المائدة )حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ(.
3) تقييد المطلق: وهو المتناول لواحد لا بعينه.
4) تفسير الغريب: الغريب بخلاف المشهور.
ثانيًا/ تفسير القرآن بالسنة:وله نوعان:
1)صريح: ويسمى (التفسير النبوي) وهو أن يقصد النبي ﷺ تفسيرًا للآية بقوله أو فعله أو تقريره.
2)غير الصريح: ويسمى (تفسير القرآن بالسنة) وهو أن يقوم المفسر بجمع الأحاديث التي تصلح أن تكون تفسيرًا للآية -وهو محل اجتهاد- ولا يقبل إلا من عالم.
ثالثًا/ تفسير القرآن بأقوال الصحابة:
أسباب الرجوع إلى أقوال الصحابة:
1-لأنهم شهدوا التنزيل وعرفوا أحاله.
2-لأنهم أهل اللسان الذي نزل به القرآن.
3-لأنهم عرفوا أحوال من نزل فيهم القرآن من العرب واليهود.
٤ - سلامة مقصدهم.
5- حسن فهمهم.
مصادر الصحابة في التفسير:
1-القرآن الكريم 2- السنة النبوية 3- اللغة العربية 4- أهل الكتاب 5- الرأي والاجتهاد.
رابعًا/ تفسير القرآن بأقوال التابعين:
أسباب الرجوع إلى أقوال التابعين: 1- لأنهم تلقوا عن أعلم الناس بالتفسير وهم الصحابة. 2- لكونهم في القرون المفضلة. 3- لإدراكهم عصر الاحتجاج باللغة. 4- لقلة البدع في عهدهم.
مصادر التابعين في التفسير: 1- القرآن الكريم. 2- السنة النبوية. 3- أقوال الصحابة. 4- اللغة العربية. 5- أهل الكتاب. 6- الرأي والاجتهاد.
خامسًا/ تفسير القرآن بالرأي والاجتهاد:
قال به الصحابة والتابعين من بعدهم وعملوا به والدليل: قول أبي بكر: "أقول فيها برأيي فإن كان صوابًا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان"، وهذا الرأي الذي عمل به الصحابة هو الرأي المحمود وهو المبني على علم أو غلبة الظن، وقد تورّع عن القول في التفسير أقوام خشية القول على الله بغير علم والوقوع في المذموم من الرأي، والقول في التفسير بغير علم أو بهوى محرم وهو حق.
مسائل والبعض بالبعض اكتفى ومن درى الجميع حاز الشرفا
أولاً / الحد؛ أي التعريف وهو لغةً: الكشف والإيضاح والإبانة، وهو مشتق من الفِسر وهو الإيضاح.
أمّا اصطلاحا فهو: علمٌ يُبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن الكريم، وعن مدلولاتها وعن أحكامها الإفرادية والتركيبية، وعن معانيها التي تُحمل عليها حالة التركيب، وعن ترجيحات ذلك.
ثانيًا / الموضوع وهو: بيان كلام الله تعالى، وبيان مدلولاته وأحكامه الإفرادية والتركيبية، ومعانيه التي تُحمل عليها حالة التركيب وعن ترجيحات ذلك.
ثالثًا / الثمرة وهي: فهم المراد من كلام الله تعالى، وغايته معرفة أوامره ونواهيه.
رابعًا / الفضل وهو: فضله جزيل؛ إذ به تعرف أوامر القرآن ونواهيه، فيمتثل الأوامر ويجتنب النواهي من اصطفاه الله تعالى.
خامسًا / النسبة: يُنسب لعلم علوم القرآن.
سادسًا / الواضع: بعض أصحاب رسول الله e، ومن جاء بعدهم من المجتهدين.
سابعًا / الاسم: علم التفسير.
ثامنًا / الاستمداد: يُستمدّ من السُنّه وعلوم العربية وأصول الفقه.
تاسعًا / حكم الشارع: الوجوب العينيّ على من أتقن علم البلاغة إذا انفرد، والكفائي إن تعدد.
عاشرًا / المسائل: الأمور المعاني التي يَبين بها القران الكريم.
ذكر الشيخ العلامة محمد الحسن الددو الشنقيطي حفظه الله، منهجا لدراسة التفسير. قال: "المستوى الأول، المبتدئون وهؤلاء ينبغي أن يأخذوا من التفاسير ما سهل وخف مثل تفسير الجلالين وتفسير السعدي وتفسير ابن جزي وتفسير النسفي، فهذه التفاسير المختصرة السهلة وهي متكاملة فيما بينها، فمثلا المقدمات أحسن شيء في مقدمات التفسير ما لخصه ابن جزي في مقدمة تفسيره، وهذا يغنيهم عن الخوض في المقدمات الطويلة مثل ما ذكره ابن جرير الطبري والقرطبي في تفسيريهما ، فالمقدمات التي ذكرها ابن جزي هي فوق العشرة، ينبغي لكل مشتغل بعلم التفسير أن يثبتها في دماغه لأنها تعينه كثيرا على هذا العلم.
ومثل ذلك مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية، مقدمة في أصول التفسير، هذه ذكر فيها بعض القواعد المهمة في التفسير يفهم بها الإنسان كثيرا من الأمور مثل قوله: إن تفسير السلف ليس تفسيرا لكامل المعنى وإنما هو تفسير جزئي، وهذه قاعدة ركز عليها شيخ الإسلام في هذه المقدمة، وأتى عليها بكثير من الأدلة، قال إن تفسير السلف هو بمثابة من قال لك ما الخبز؟ فأخذت خبزة فرفعتها وقلت هذا الخبز، فليس معناه أنك تزعم أن ما في الدنيا من الخبز محصور فيما في يدك؛ بل المعنى أنك تريد أن تفهمه، وقد فهم هو الخبز بمجرد رؤيته، مثل الذي لا يعرف لغة العرب فسألك ما التمر فأخذت تمرة فرفعتها ، قلت هذا التمر يفهم بهذا التمر وليس معناه أنك أنت تقصد انحصار التمر فيما رفعت؛ ولذلك فقول عائشة ـ رضي الله عنهاـ في تفسير قول الله تعالى :(ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) هو المؤذن، هذا تفسير جزئي ولا تقصد به أن هذا معنى الآية مطلقا، معناه من هؤلاء المؤذنون فهم يدعون إلى الله ويقولون أحسن القول، وهو دعا إلى الله حين قال حي على الصلاة حي على الفلاح، وعمل صالحا حين كبر: الله أكبر الله أكبر، وقال إنني من المسلمين حين قال: أشهد ألا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله، فالمؤذن فعلا دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين، لكن لا يقتضي هذا انحصار معنى الآية في مثل هذا المثال. المستوى الثاني، هو المستوى المتوسط، فبعد أن يقرأ الإنسان هذه الكتب المختصرة الملخصة لا بد أن يتجاوز هذا الحد ويصل إلى الحد الأوسط، وهذا يحسن فيه تفسير الشوكاني فتح القدير وإذا جمع الإنسان معه تفسير ابن كثير، ونحو ذلك فهذا مفيد له ولو ضم إلى ذلك أيضا تفسير البيضاوي أو أبي السعود فإن ذلك مما ينفعه كثيرا، وهذه المرتبة يقصد بها الزيادة في الاستيعاب وفهم توجهات المفسرين ومدارسهم المختلفة، وكذلك تحفيز الهمم للازدياد من العلم . المرحلة الأخيرة، وهي التي يكون الإنسان فيها مستعدا للتأليف في التفسير، هذه يركز فيها الإنسان على تفسير الطبري وتفسير القرطبي، وتفسير ابن عطية، وتفسير أبي حيان، فهذه الكتب الجامعة الكبرى.
وهذا المستوى الأعلى للتفسير، وإذا كان الإنسان يريد أن يهذب لسانه وأقواله فليختر مع هذه بعض كتب المتأخرين لأسلوبهم السهل، مثل كتاب الشيخ محمد طاهر ابن عاشور التحليل والتنوير، فأسلوبه أسلوب عصري رصين، وهو ميسر مسهل"[١].
وعلّق على هذه المنهجية الشيخ مساعد الطيار حفظه الله، بقوله: "كتب المستوى الأول لا يصلح منها له إلا تفسير السعدي، أما تفسير النسفي والجلالين فهما مضغوطان ـ مع اختصارهما ـ يحتاجان إلى فكٍّ وشرح؛ لذا كان هذان الكتابان من مناهج التفسير في الأزهر الشريف منذ القديم.وأما مقدمة شيخ الإسلام فهي للمتقدمين، لما فيها من موضوعات علمية قوية لا يدركها أهل المستوى الأول.
ولعل الأولى أن يضع المسلم لنفسه كتابًا يتميز بالاختصار والسهولة؛ كالتفسير الميسر الذي صدر عن وزارة الشئون الإسلامية في المملكة العربية السعودية، أو التفسير المنتخب الذي صدر عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر، أو تفسير (جامع البيان) لعبد الرحمن الأيجي الصفوي.فإن لم يكن مختصرً سهل العبار فليكن تفسيرًا سهلاً متوسطًا أو طويلاً، كتفسير البغوي وتفسير السمعاني.ويحرص على أمرين:الأول: إنجاز قراءته كاملاً.الثاني: إعادته مرة بعد مرة لاستظهاره إن أمكن.
ومن باب الفائدة، فإنه يمكن أن يدون الفوائد التي يجدها في كتب التفسير الأخرى، أو يسمعها من العلماء وطلاب العلم.بل إني أدعو إلى تدوين الفوائد، وأن يكون هذا من أهداف كل مرحلة يمر بها في طالب العلم.
إضافة إلى أنه كثر الحديث عن هذا الموضوع، وفي نظري أن الموضوع يحتاج إلى عزيمة طالب العلم، واستمراره في تعلم العلم".
ـــــــ
[١] المرجع: سلسلة العلوم الشرعية، الشريط الخامس، الشنقيطي، محمد الحسن الددو.